20/09/2012 Texte

pays

<< RETOUR

قيام دولة علوية سيسرّ اسرائيل...انطوان بصبوص لموقعنا: محور سياسي جديد في المنطقة بعد سقوط نظام الأسد

خص الدكتور انطوان بصبوص، مدير مرصد الدول العربية، موقع 14 آذار الألكتروني بحديث خاص من مقره في باريس تناول فيه شجون الوضع الإقليمي العربي مع التركيز على الأزمة السورية. وكان سبق لموقع 14 آذار أن نشر فصولاً من كتاب الأستاذ بصبوص "التسونامي العربي" الذي صدر بالفرنسية نهاية العام 2011 وأحدث صدى كبير في الأوساط السياسية العربية. وبصبوص هو من مواليد لبنان ومن حملة القضية اللبنانية. تابع دراسته الجامعية في فرنسا حتى نال شهاد دكتورا الدولة في العلوم السياسية. بصبوص مارس الصحافة والعمل الإستشاري لما يقارب العقدين من الزمن قبل أن يؤسس في العام 1992 "مرصد الدول العربية" وله العديد من الكتب والإصدارات.
 

غسان عبدالقادر

 

مصر الأخوان المسلمين ستكون ذات دور إقليمي...ومحور جديد سيبرز بشرط سقوط سوريا العلوية

وقد بدأ الدكتور بصبوص حديثه عن الوضع في مصر، فرأى "محمد مرسي وصل الى الحكم كممثل لتنظيم الاخوان المسلمين وليس بصفته الشخصية. وبالتالي هو يمثل المرشد ومكتب الارشاد ويعمل كواجهة لهذه المؤسسة السياسية التي نشأت منذ العام 1928 والتي تملك انظمة وقناعات وأجندة حكم. وهذا بدا واضحاً من خلال اولى أعماله التي تجسدت بالاطاحة بالعسكر لحسم الازدواجية على رأس السلطة بعد 40 يوم من وصولهم الى الحكم. من ناحية أخرى، اراد الرئيس المصري تغيير المعادلة الإقليمية بعد ان ورث من مبارك سياسة خارجية مقيّدة هدفها الوحيد تسليم السلطة لإبنّه جمال مبارك من خلال تنازلات لاسرائيل والولايات المتحدة والإصطفاف وراء سياسات واشنطن وتل أبيب".

واضاف "بالمقابل جاء مرسي ليقدم اجندة خاصة به على مستوى السياسة الخارجية تجلت بأنّ أولى زياراته الأجنبية كانت الى الصين مقابل حج ربيعي الى الولايات المتحدة اعتاد مبارك عليه. كما تعمد مرسي الظهور في مؤتمر عدم الانحياز في طهران حيث فاجىء الايرانيين الذين ظنوا انه قادم باعتباره جسر مع الجانب السني لاعادة العلاقات التي انقطعت في زمن مبارك، فاذا بمرسي يصدمهم خصوصاً أنهم سبق أن تلقوا ضربة أكبر من قبل مرسي لأن وصوله الى الحكم في مصر افقدهم حماس (الجناح الفلسطيني للاخوان المسلمين). بالمقابل، شهدنا فضيحة كبرى لمصداقية الاعلام الحكومي الايراني قام بها المترجم الايراني الذي قلب سوريا الى البحرين خصوصاً انه جرى مباشرة على الهواء ولا يمكن التستر عليه وشكل إساءة كبيرة الى الرئيس المصري والنظام الايراني. ما كان يحاول مرسي فعله هو ايجاد مخرج للحرب الأهلية التي تجري في سوريا من خلال الإعتماد على الدول الاسلامية الكبرى اي ايران السعودية وتركيا ولكن الدولتين الأخيرتين تريان أن ايران هي جزء من المشكلة. اليوم نحن أمام محور شمال جنوب ينطلق من تركيا ويصل مصر بالخليج على ان تكون سوريا هي محور الارتكاز شرط ان تسقط سوريا العلوية ويكتمل هذ المحور بحكم الأكثرية السنية".

الأسد قد ينجو من خلال سايكس بيكو يضمن قيام دولة علوية...مخابرات النظام وماليته تتداعيان

وقد علل السيد بصبوص بقاء الأسد في السلطة طوال هذه المدة بالرغم من الضربات التي تلقها من الثورة بأنه "نتاج أمرين: الأول ارتكاز سلطيته على عصبية علوية شدها ومهد لها حافظ الأسد حين بنى الجيش السوري على تركيبة مذهبية مع غطاء وطني، وكان يخشى من اليوم الذي سيثور به السنة على نظامه. وقد خلق لذلك الوية فاعلة لها اولوية التسليح والتدريب والقوة ركيزتها من العلويين. ثانياً، أنشأ الأسد الى جانب هذه الألوية العسكرية أجهزة أمنية استخباراتية تسلمها العلوييون وأمسكوا من خلالها الأرض ما منح الأسد مناعة أقوى من بن علي والقذافي ومبارك. ومع ذلك، فالأسد فقد السيطرة على نصف الاراضي السورية حيث يتحتم عليه الموقف مثلاً أن ينشر المدرعات ويقصف بالطيران والمدفعية أي حي او بلدة او مدينة ليثبت نفوذه، وهذا دليل كاف على أنه فقد شرعية حكمه منذ زمن، ناهيك عن أنه معزول عربياً واسلامياً ودولياً باستثناء ايران وروسيا والصين. في الماضي كان النظام يرهب الشعب من خلال سطوته المخيفة، لنجد اليوم ان عدد من الذين غادروا السفينة الأسدية وابرزهم رئيس الحكومة من دون أن يقدر الأمن السوري على كشف الأمر أو الحؤول دون ذلك."

كما اشار بصبوص إلى عنصر آخر سيقوض حكم الأسد هو "الموازنة العامة او الخزينة السورية التي بدأت تنهار بشكل خطير لأنّ الحرب مكلفة وسوريا فقيرة مقابل حصار مطبق على ايران التي ترضخ لسلسة من العقوبات منذ زمن بعيد مما حدّ من قدراتها على اسناد ودعم النظام السوري. لذا قد نرى انهيار للنظام من خلال خواء الخزينة مع عدم قدرة على تصدير البترول وهروب المستثمرين والاستثمارات".

على الجانب الدولي للأزمة والمواقف الغربية منها، أوضح المحلل الفرنسي ذو الأصول اللبنانية إلى أنّ "الغرب لديه رؤيته الخاصة؛ فالأجندة الامريكية حالياً ترتكز على امرين: أولاً الإنتخابات الرئاسية والانسحاب من مناطق الحروب التي اطلقها بوش. أما اوروبا فتمرّ بازمة اقتصادية حقيقية وقاسية. ثم أنّ من سيضع اصبعاً في سوريا سيضطر لاحقاً لوضع اليد والكتف ومن ثم الرأس وعليه ان يستعد لنشر قوات تتجاوز حدود سوريا. رابعاً، هناك الخلافات الداخلية للمعارضة السورية مما خلق حالة من الشرذمة والتقاتل فيما بينها. ومع هذا على الغرب مساعدة السوريين لأنه واجب اخلاقي لتقليل زمن الحرب وكلفتها البشرية عبر حرمان بشار من تفوقه في مجال الطيران وتسليم كمية محدودة من الدفاعات الجوية للمعارضة المسلحة السورية. وهنا لا بد أن نبدي اعجابنا بالشعب السوري الذي وقف في وجه القمع الأسدي الذي لا يمكن ان يوصف ولم يكن الكثيرون يتوقعون ان يثور هذا الشعب ثم يصمد بالرغم من عشرات الآلاف من القتلى الجرحى ومئات الآلاف من المعتقلين المعذبين".

ونبّه بصبوص في حديثه إلى "احتمال قيام دولة علوية في سوريا لأنّ ما يقوم به بشار من اعمال بربرية وجنونية تمهد لذلك. فحين يستخدم الطيران الحربي ضد مواطنيه ويصفهم بأنهم سلفيين وارهابيين من اتباع القاعدة، فإنه يبرر العنف المستخدم ضدهم وبالتالي يشيطن المعارضة ليصل الى مرحلة ضرورة اللجوء الى مقر آمن ومحمي للقضاء عليهم الا وهو الدولة العلوية. ما أخشاه هو حصول اتفاق دولي لإنهاء الحرب بين الولايات المتحدة وروسيا على شكل سايكس بيكو يكون فحواه العفو عن بشار مما ارتكبه من فظائع ومنح العلويين الساحل السوري حيث يقيموا دولتهم، وبذلك تفوز روسيا بطرطوس كمقر لاسطولها على المتوسط، وتحظى ايران بموطىء قدم لها يشكل طريق اتصال بحزب الله في لبنان. من جهتها اسرائيل لن تكون مستاءة بل على العكس فقيام دولة علوية يمنحها الذريعة للقول بأنه في حال كان العرب والمسلمون لا يتفقوا بينهم يقسموا الاراضي، فلماذا عليّ ان اقبل قيام دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل بالاضافة الى تبرير قيام الدولة اليهودية في اسرائيل".

ليبيا معرضة للوقوع في التطرف والمطلوب تحرك سريع...لبنان يعاني من قلّة المناعة الوطنية

أما عن إغتيال السفير الاميركي في ليبيا فقال بصبوص "ما حدث في ليبيا الأسبوع الماضي جاء على خلفية إرث التطرف الاسلامي في تلك المنطقة بالتحديد حيث شكل اسلاميو الشرق الليبي المجموعة الاكثر عدداً بين الجهاديين في العراق في العام 2006 بعد السعوديين وحتى أن الرجل الثاني في القاعدة كان ابو يحي الليبي والذي قتل بطائرة امريكية من دون طيار في افغانستان في حزيران المنصرم. إذاً الأرضية كانت جاهزة للاشتعال في الشرق الليبي في ظلّ استقالة تامة للدولة. واتخوف أن يسيطر هؤلاء السلفيين على الدولة الليبية اذا لم يتم ايقافهم عند حدّهم لأن الشعب الليبي غير ميال للإسلام المتطرف الوهابي".

وإذ فضل بصبوص أن يناقش الملف اللبناني في نهاية حديثه، أعتبر "أننا رأينا ثورة في العام 2005 بعد اغتيال رفيق الحريري ولكن للاسف فإن لبنان مصاب بمرض السيدا السياسية، وارتباط الاطراف السياسية بالخارج بشكل شبه كامل. إن آمال جعل لبنان أمة موحدة هو مسألة صعبة في ظل وجود الطوائف المرتبطة بالخارج فقدان المناعة لدى السياسيين وعند شرائح كبيرة من الشعب، وهذا يبرز حتى في مناسبات غير سياسية مثل المسابقات الرياضية الكبرى التي يتحزب اللبنانيون لدول وفرق اجنبية. إنّ نسيان اللبناني لفكرة لبنان أولاً هو أصل المشكلة في بلاد الأرز. كما يضاف الى كل هذه الثقافة غير الوطنية، مسألة السلاح كآداة ايرانية تعزز وضع طهران بالنسبة لملفها النووي في حال اضطرت للردّ على ضربة أمريكية او اسرائيلية، وهو حالياً يستعمل في الداخل للاستقواء على الآخرين باسم التحرير والنضال والمقاومة. وبسبب المنظومة الأمنية والاستخباراتية التي تعمل لمواكبة هذا السلاح، فإن لبنان ومستقبل لبنان في خطر حقيقي لأنه يربط لبنان بارادة خارجية".

 

Voir la source

OBSERVATOIRE DES PAYS ARABES
twitter   |